هل يمكن أن يؤثر نمط عملك على خطر التغيرات الأيضية؟
تعرّف على مخاطر العمل بنظام الورديات الليلي وأثره على الصحة الأيضية والغذائية، وأبرز التوصيات لتحسين نمط الحياة لدى العاملين بنظام المناوبات.

في عالمنا المعاصر، هناك طلب كبير على الخدمات المستمرة والإنتاجية على مدار اليوم، ما يعني أن قطاعات عديدة مثل القطاع الصحي، وقطاع التجزئة، والخدمات الأخرى تُقدَّم على مدار 24 ساعة يوميًا، و7 أيام في الأسبوع دون انقطاع. ونتيجة لذلك ظهرت ثقافة العمل بنظام الورديات (المناوبات) والعمل الليلي، الذي يُعرَّف عادةً بأنه العمل لمدة لا تقل عن 7-8 ساعات خلال الفترة الممتدة بين منتصف الليل والساعة الخامسة فجرًا.
وقد ارتبط العمل بنظام المناوبات بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والتي يمكن تفسيرها بنمط الحياة المرتبط بعوامل مثل التعرض المفرط للتوتر واضطرابات الإيقاع اليومي (المعروفة أيضًا بالساعة البيولوجية)، والتي تناولناها سابقًا في مقالات أخرى.
في هذه المقالة، سنناقش الأدلة والأبحاث الحالية حول التأثيرات الصحية للعمل بنظام المناوبات، وكذلك المخاطر الغذائية المحتملة التي يواجهها العاملون في هذا النظام.
الأدلة الحالية التي تربط العمل بنظام الورديات بالتغيرات الأيضية في الجسم:
أظهرت دراسة رصدية أجريت على 27,485 فردًا وجود اختلافات أيضية ملحوظة بين العاملين في الورديات الليلية مقارنةً بالعاملين في الورديات النهارية؛ حيث لوحظ ارتفاع معدلات السمنة واضطرابات في مستوى الدهون لدى العاملين في المناوبات الليلية بشكل ملحوظ مقارنة بزملائهم الذين يعملون نهارًا.
كما أشارت أبحاث أخرى إلى أن الاضطرابات في الإيقاع اليومي، الناتجة عن التعرض للضوء خلال ساعات الليل أثناء المناوبات، تُعتبر عامل خطر للإصابة بالعديد من الأمراض، بما في ذلك بعض أنواع السرطان. وأظهرت دراسة إضافية ارتفاعًا في مستوى الكورتيزول وضغط الدم لدى العاملين في المناوبات الليلية.
المخاطر الغذائية لدى العاملين في نظام المناوبات الليلية:
أشارت دراسة نوعية (تعتمد بشكل أساسي على مقابلات شفوية) أجريت على عاملين في القطاع الصحي، من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات ممن يعملون بنظام المناوبات، إلى أن نظام المناوبات يؤثر على اختياراتهم الغذائية. وأوضحت الدراسة أنهم يميلون إلى تناول الأطعمة غير الصحية والكافيين خلال المناوبة، رغم رغبتهم في اتباع نمط غذائي صحي. يحدث ذلك عادة بسبب الخيارات المحدودة المتاحة وضيق الوقت خلال المناوبة، في حين يعتبرون الوجبة التي يتناولونها قبل أو بعد المناوبة هي الوجبة الأساسية.
يتطلب التعامل مع هذه القضايا التغذوية اتباع نهج شامل يتضمن تعزيز العادات الغذائية الصحية، وتوفير خيارات غذائية متوازنة خلال الورديات، وتطبيق استراتيجيات لتخفيف اضطرابات الإيقاع اليومي.
الخاتمة:
ثبت علميًا أن العمل بنظام الورديات، خصوصًا الورديات الليلية، يؤثر بشكل كبير على الصحة الأيضية والعادات الغذائية؛ حيث يسهم في اضطراب الإيقاع اليومي، وزيادة مستويات التوتر، واتباع عادات حياتية غير صحية تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وأبرزت الدراسات الرصدية انتشار السمنة والتغيرات في مستويات الدهون في الدم، وارتفاع مستويات الكورتيزول في هذه الفئة من العاملين. بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث النوعية إلى أن العاملين بنظام المناوبات غالبًا ما يفوتون الوجبات ويعتمدون بشكل كبير على الكافيين ويتناولون الأطعمة غير الصحية بسبب محدودية الخيارات المتاحة.
لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتطوير تدخلات فعّالة تساعد العاملين بنظام الورديات على تحسين صحتهم الأيضية، وتعزيز رفاهيتهم العامة، وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض على المدى البعيد.